Error loading page.
Try refreshing the page. If that doesn't work, there may be a network issue, and you can use our self test page to see what's preventing the page from loading.
Learn more about possible network issues or contact support for more help.

الرقص على الحبال

رواية

ebook
1 of 1 copy available
1 of 1 copy available

ذاب حزن الليل ووحدته في بشاشة الصباح، اختفت عيونه وغشي القبة السماوية غطاءٌ وردي أجبر شفتيَّ العنيدتين على شبه ابتسامة، أنعشتني نسمة باردة حين اقتربت من النافذة، نظرت للسماء .. بحكم العادة ابتهلت.. تمنيت.. دعوت أن يكون حبيبي من نصيبي.. بدا كوبري الملك الصالح هادئا على غير العادة .. بائع الجرائد ينصب مائدته الخشبية على الناصية القريبة، وسيدة النعناع، كما يطلق عليها أخي، تبسط سلتها بأوراقها اليافعة.. لمحت بضع فتيات يضحكن ويسرن في نشاط نحو مدرستهن، ما أجملهن ! بالأمس كنت بينهن، أحقًا مرت كل هذه الأعوام؟ دُرْتُ ببصري أتأمل المنازل القابعة في سكون، رنت في الأجواء صيحة بائع اللبن.. «صباح القشطة».. استقرت عيناي على صفحة النيل، شعرت بضآلتي وأنا أرى أسرة صغيرة تعيش -وكل ما تمتلكه-في قارب صيد صغير.. تأملت الأب يرفع شِباكه، والأم تجدف مغتبطة بالصيد الثمين، يا إلهي، تعثر الابن، سيتهاوى من حافة المركب، حمدا لله، تلقفته ذراعا أبيه القويتان.. كم أفتقد أبي.. خفضت بصري لخطابه الملقى على الصوان.. قرأته خمس عشرة مرة.. كان كعادته يطمئن علينا .. من «هناك».. سحبته وجرت عيناي على كلماته المنمقة .. عشت عمري كله أسمع كلامه من «هناك».. سطور مزينة بالحكم والمأثورات، نصائح رشيدة واقتراحات رائعة.. قيم وتعاطف ودعاوى ثبات .. جمل بديعة.. بليغة.. مفعمة بالإحساس.. لكنها في النهاية من «هناك»... حروف مصفوفة لا تشفي وجيعة ولا تداوي جراحًا.. أتذكر حين كانت بيننا ساعات حلوة، قصيرة تلاشت كنسمة صيف.. كم أتمنى لو كنت أستطيع أن أحدثه.. أسأله نصيحته.. أشكو له وجيعتي.. أحكي له عني .. حلمٍ ضائعٍ.. ارتباطٍ شائكٍ.. عملٍ لم أتحقق فيه.. تفاصيل وتفاصيل لم يسمعها ولم يعرف عنها شيئًا .. لو كان لعقلي زر أستطيع أن أكف به عن التفكير

Formats

  • OverDrive Read
  • EPUB ebook

Languages

  • Arabic

Loading